تعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية عام 1917 إلى اللورد ليونيل روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين.
ليبدأ بعدها تاريخ من الاضطهادات والتشريد والقمع بحق الفلسطينيين، مع تغيير ديمغرافية الأرض باستقطاب الهجرة اليهودية على مدار الانتداب، وطرد السكان وهدم القرى والمنازل، وارتكاب المجازر حتى إعلان إنهائه وقيام دولة الكيان الغاصب عام 1948.
لقد كان من بنود وعد بلفور الأساسية هو قيام دولة تنعم بالأمان يقصدها المشردون اليهود من كل حدب وصوب،
ولكن طوفان 7 أكتوبر ألغى الأمان وقضى على آمالهم فحسب إحصائيات صدرت في 23 جوان 2024 فإن 550 ألف مستوطن غادروا دولة الكيان ولم يعودوا خلال الستة أشهر الأولى، أي أن العدد يكون قد بلغ المليون خلال السنة الطوفانية الأولى.
وتتحدث الآيات عن إمهال بني إسرائيل مرة أخرى، وأن الله رد لهم الكرة على المسلمين: “فإذا جاء وعد الآخرة.”، وحينها تساء وجوههم، ويدخل المؤمنون الصالحون المسجد كما دخلوه أول مرة، ويدمروا كل هذا العلو، ماديا كان أو معنويا.
ليس هناك أكثر من القرآن وضوحا وصدقا بأن هذا كائن لا محالة لبني إسرائيل، والنص كان في غاية الإنصاف، فالذي يقضي على بني إسرائيل هم أنفسهم، حين أساؤوا، بل تجاوزوا الحد كثيرا، فإفسادهم ليس على الأرض المقدسة فقط، بل يكاد يعم الأرض كلها.
إنه وعد الله تعالى، وتسارع الأحداث الآن دليل قوي على مصداقية القرآن، فاليهود هم الذين يجنون على أنفسهم هذه المرة، يتجرؤون وما زالوا يظنون أن العالم تبع لهم، وها هي الشعوب الحرة في العالم تدرك خطورة اليهود، ولا شك أن تهوّرهم هذا سيعجل بالقضاء عليهم، ومن يدري؟ أهي أيام أم أشهر أم أعوام قليلة، ولكن لا بد لأمر الله تعالى أن يقع، وسيهيئ الله الظروف وفق حكمته ومشيئته.
يعز علينا أن يكون هذا كله أمرا مؤكدا وبعض الأمة يعيش في سبات، وبعض الأنظمة الحاكمة لا تعي الصراع التاريخي، ولا تأخذ بأبسط أسباب القوة بأن تحرر شعوبها، أن تكون لهم قيمة وكرامة. وبعض هذه الأنظمة مشغولة في صراعات وخلافات سخيفة أقرب إلى الصبيانية، فالعدو وما يمكر به تجاهنا كفيل بأن يوحدنا ويلم شعثنا، فلا بد لهؤلاء الذين ربطوا مصالحهم وأهواءهم بالغرب وباليهود أن يعوا حقيقة الواقع، وأن الكفة –وفق الوعد الإلهي- تميل إلى صالح المسلمين.
كان الأجدر باليهود –وقد عانوا من الشتات والتشرد- أن يحترموا النفس الإنسانية، ولكن العجيب أنهم طبقوا على الفلسطينيين ما حل بهم هم أنفسهم، وهذه رعونة وقلة إنسانية، ولا بد يوما محاسبون عليها، فكما تدين تدان.
لا تعليق