ثالث كتاب أقرأه لسنة 2025 هو كتاب “إمام أهل الحق أبو الحسن الأشعري” للدكتور عبد القادر محمد الحسين، حينما قرأته شعرت وكأنني أقترب من ينبوع صافي يتدفق علماً وحكمةً عن شخصية الإمام الأشعري، الذي كان له دور محوري في تأسيس منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة. بالنسبة لي كمسلم على العقيدة السنية الأشعرية، كان هذا الكتاب بمثابة رحلة روحانية وعلمية مع إمام أعاد ترتيب الفكر الإسلامي في زمنه ليواجه التحديات الفكرية بعمق وحكمة.
الكتاب يقدم صورة متكاملة عن الإمام الأشعري، من حيث سيرته الذاتية، تحوله الفكري، ودوره في الدفاع عن العقيدة الإسلامية أمام التيارات المختلفة. ما أعجبني بشكل خاص هو تحليل الكاتب لمسيرة الأشعري الفكرية، وكيف انتقل من الاعتزال إلى منهج أهل السنة والجماعة بعد تجربة طويلة من البحث والتأمل.
لقد أثر هذا الكتاب على فهمي لعقيدتي بشكل عميق. فهو لم يكتفِ بتوضيح أصول العقيدة الأشعرية، بل أظهر كيف أن الإمام الأشعري كان يجمع بين العقل والنقل، معتمداً على أدلة قرآنية واضحة وفهم عميق للفكر الإسلامي. شعرت أن هذا الكتاب يعزز انتمائي لعقيدة الأشعري، التي تجمع بين الحكمة العقلية والروحانية المستمدة من النصوص الشرعية.
من زاوية أخرى، وجدته متوافقًا تمامًا مع التوجه الفقهي المالكي الذي أتبعه، ومع طريقتي الروحية التي أسير فيها على نهج الجنيد السالك. الكتاب يعكس روح الاعتدال والتوازن، وهي قيم أساسية في التصوف الصحيح كما علمنا الجنيد.
أسلوب الدكتور عبد القادر في الكتابة كان رصيناً ومباشراً، مستنداً إلى مصادر موثوقة وتحليل دقيق. شعرت أن الكاتب لم يقدم فقط معلومات، بل قدم تجربة فكرية وروحانية متكاملة، جعلتني أعيد النظر في الكثير من التفاصيل حول شخصية الإمام الأشعري ودوره الحضاري.
أرى أن هذا الكتاب ليس مجرد قراءة عابرة، بل هو دعوة للتمعن في إرث إمام من أئمة الحق، الذي لا يزال فكره نوراً يهتدي به المسلمون إلى يومنا هذا. أنصح كل من يهتم بتاريخ الفكر الإسلامي بقراءة هذا الكتاب، فهو بوابة لفهم أعمق للعقيدة السنية وأصولها الراسخة.
السعيد منصور
لا تعليق